· استخدام الكوشيين لحروف ومفردات من لغات السامية قبل وجود حضارة اكسوم.
· تشابه في معمار المباني الاثرية والمنحوتات الحجرية والنصب التذكارية التي تتميز بها حضارات جنوب الجزيرة العربية.
· تشابه في تسمية الأشياء وفي أسلوب الحياة والثقافة.
· وجود دول وممالك عريقة في جنوب الجزيرة العربية، كمملكة سبأ التي امتدت وحكمت حتى اكسوم في القرن الثالث قبل الميلاد ثم تبعتها ممالك مثل رايدان وحضرموت وحمَير في القرن الأول قبل الميلاد.
على رغم أن الأدلة الدامغة في وجود نفوذ واضح لحضارات جنوب الجزيرة على حضارات قوحيتو وكسكسي وأكسوم الا ان هناك بعض الأسئلة والنقاط التي تحتاج الى دراسة معمقة للإجابة عليها.
1. ما هي حقيقة وطبيعة العلاقة التي كانت سائدة بين الأقوام المتحدثين بالسامية في الجزيرة العربية والأقوام المتحدثين بالكوشية على الضفة الغربية للبحر الأحمر؟
2. عدم وضوح نوعية النظم الاجتماعية والسياسية التي كانت موجودة عند الكوشيين قبل وصول الساميين اليهم.
3. مدى تطور الحضارات المحلية عند الكوشيين بغض النظر عن مدى تأثرها بحضارة الآخرين.
الدراسات الحديثة:
مع تزايد الاكتشافات الحديثة في المنطقة يؤكد غالبية علماء الآثار بأن نفوذ الساميين الذين هاجروا من جنوب الجزيرة العربية كان محدودا جدا ولم يبق الا لعقود قليلة.
تؤكد الدراسات الحديثة من دون ادنى شك وجود نفوذ واضح لحضارة جنوب الجزيرة على حضارات الكوشيين وخصوصا في القرن الأول قبل الميلاد. ولكن هذه الدراسات توضح بجلاء أن الكوشيين كانت لديهم حضارة متطورة تضاهي تلك القادمة من جنوب الجزيرة.
وتعطي هذه الدراسات الأدلة المذكورة ادناه:
· الزراعة: وجود ادلة واضحة على تقدم وسائل الزراعة عند الكوشيين مما يدل على إمكانية وجود مجتمعات مستقرة لها نظم اجتماعية ومعتقدات تحكم بينهم.
· اللغة: بعض المفردات والمصطلحات الزراعية عند اللغات السامية مستعارة من الكوشية القديمة. وليس واضحا تماما منشأ اللغات السامية، فمنهم من يعتقد بأن اللغات السامية ربما تكون قد نشأت في منطقة القرن الأفريقي الحالي ثم امتدت وانتشرت للخارج.
· التجارة: تشير بعض الدراسات الى أن الكوشيين هم الذين سبقوا بنقل تجارتهم الى جنوب الجزيرة العربية بفترة طويلة حيث كانوا يتاجرون بالأحجار الكريمة وينقلونها حتى الى مصر.
· الآثار: هناك ادلة تشير الى أن بقايا الصناعات الفخارية وبعض الأدوات التي كان الكوشيون يستخدمونها متأثرة اكثر بالحضارات النيلية الأفريقية اكثر من تأثرها بحضارات جنوب الجزيرة، فعلى سبيل المثال اكتشف الباحثون في شؤون الآثار المصرية أن المصريين القدامى كانوا يستخدمون حلى وزخارف كانت تصنع في ارافلو (مرفأ بحري صغير على البحر الأحمر يقطنه الساهو).
ادوليس (عدو لي)
ميناء اريتري قديم يقع على بعد عشرين كلم جنوب ميناء مصوع وذلك بين قريتي زولا وافتا وأيضا ليس ببعيد من فورٌو. ويعتقد ان اصل اسم عدوليس يعود الى "عدو لَيْ" أي الماء الأبيض، او "عدو لا" أي الأبقار البيضاء بلغة الساهو. وجدير بالذكر ان هناك قرية ما زال يطلق عليها "عدو لي" في مناطق الساهو, ويؤكد المؤرخون أن ميناء عدوليس القديم كان معبرا تجاريا غاية في الأهمية في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد وخصوصا للحضارات المصرية والفارسية وحضارة ما قبل اكسوم.
ارض البُنت (Punt land) وعدوليس , على رغم انه يصعب تحديد موقع أرض البُنت الشهيرة بدقة فإن اريتريا في موقع جغرافي يؤهلها أن تكون جزءا مهماً من هذه الأرض طالما احتار علماء التاريخ بأسرار زمنها الغابر.
وهناك إشارة تاريخية مهمة ذكرت قد تستثني الصومال من كونها جزءا من ارض البُنت وهي" ان الأمطار الغزيرة الهاطلة في ارض البُنت وجبالها كانت تصب في نهر النيل وتغذيه".
و يعتقد علماء الآثار بأن عدوليس لعبت دورا بارزا في التبادل التجاري مع المصريين القدامى الذين كانوا يعتبرون ارض البُنت مركزا تجاريا مهماً لهم. وعندما كان المصريون يجوبون جنوب البحر الأحمر كانوا يعتقدون بأن ارض البنُت تشمل ما يعرف الآن بمنطقة القرن الأفريقي وتعتبر عدوليس في قلب هذه المنطقة. وكان المصريون يستوردون من ارض البُنت مواد هامة جدا في تلك العهود كالبخور والعاج والصمغ والأبنوس وكذلك الفرو ذي الجودة العالية الذي كان يرتديه كبار رجال الدين.
وهناك خطاب مسجل في ضريح الحاكم الثامن عشر (Amonhotep III) يشير فيه الى العلاقة المهمة التي كانت تربط قدامى المصريين وقوم ارض الُبٌنت. ويعتقد بأن التبادل التجاري بين المصريين وأهل ارض البُنت بدأ في عهد الحاكم- الملك المصري الأول، ويعتقد بأن ذلك التبادل حدث في
الفترة (2890-3100) قبل الميلاد، غير أن أول رحلة بحرية معروفة من مصر الى ارض البُنت تمت بين (2325-2465) قبل الميلاد وذلك في عهد الملك الخامس "ساهو- راع" Saho Ra'a.
آثار قوحيتو
وتعتبر قوحيتو اقدم وأهم موقع حضاري قديم فى اريتريا وهى واحدة من خمسة مواقع اريترية مسجلة رسميا في سجلات منظمة يونيسكو UNESCO كإحدى الممتلكات العالمية والإنسانية المهمة.
ووفقاً الى علماء الآثار (Anfray 1981 danielli and Marinelli 1912:Litman et al 1913:Wenig 1997) فإن آثار قوحيتو تقع على قمة هضبة قوحيتو وذلك على ارتفاع 2600 متر وتحتوي على عشرات من القطع الأثرية المنوعة، وعلى الصخور والجدران المنحوتة والسدود العتيقة ومخازن المياه.
على رغم ان آثار قوحيتو تنتشر على مساحة 3.75 كلم مربع الا ان ما تم من دراسة ومسح يعد اقل من 20% من تلك المساحة، ومن ضمن ما تم التعرف عليه هناك ضريح يطلق عليه السكان المحليون "مصري قبري" أي انه "ضريح مصري" وذلك بسبب شكله المميز. ويوجد على جدران ذلك الضريح اشكال هندسية منحوتة على هيئة ورود وغيرها من الأشكال مما يدل على مدى اهمية صاحب هذا الضريح من الناحية الاجتماعية والدينية. (انظر الصورة)
وهناك أيضا سد قديم يطلق عليه محليا "سد صفيرة" ويصل طوله حوالي 60 مترا ويقدر عمره بألف سنة على الأقل. وبنيت جدران ذلك السد بالطوب الحجري يصل طوله الى 98 سم
وعرضها الى 48 سم. ويذكر ان هناك سدوداًً أخرى موجودة حول المنطقة ولكن سد صفيرة هو الأكثر حظاً في الشهرة حيث ما زال سكان المنطقة ينتفعون منه حتى الآن.
وتجاور قوحيتو مناطق اثرية أخرى مهمة مثل "عوالو قٌلبا" في منطقة (حنبا) المشهورة بصخورها المنحوتة التي تصل ابعادها الى ثلاثة أمتار في العمق واثني عشر مترا في الطول ويوجد على ظهر تلك الصخور منحوتات جميلة بألوانها الحمراء والبيضاء والسوداء.
آثار كَسْكَسِي
يشار الى أن لكسكسي تاريخاً ذا أهمية كبيرة لحضارة المنطقة حيث يعتقد بأن ملكة جليلة كانت تحكم تلك المنطقة رغم ان اسمها الحقيقي ودورها ليس معروفا تماما. ان بعض الآثار التي اكتشفت في كسكسي تحفظ اليوم في المتحف الوطني الإريتري في العاصمة أسمرا. وتدل تلك الآثار على عراقة الحضارة في المنطقة، وعلى سبيل المثال هناك قطع اثرية منوعة منحوتة بلغة قديمة، وكذلك مخطوطة من اليمين الى الشمال تشبه مخطوطات مملكة سبأ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق